فصل: كتابة الآيات على ساعات الدليل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (نسخة منقحة مرتبة مفهرسة)



.كتابة الآيات على ساعات الدليل:

الفتوى رقم (1683):
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم إلى سماحة الرئيس العام من سمو الأمير مشاري بن عبدالعزيز باعتباره رئيسا لمجلس إدارة شركة السعادة للتجارة والمقاولات المحدودة بخصوص ساعات الدليل التي يراد إدخالها المملكة لما يرون فيها من خدمة دينية وتعريف بعض المسلمين للاتجاه الصحيح لجهة الكعبة المشرفة.
وبعد اطلاع اللجنة على ساعة الدليل، وما كتب عليها من آية بسم الله الرحمن الرحيم وآية الكرسي، وما كتب فيها من الكلمات: (الله أكبر، لا إله إلا الله محمد رسول الله)، كتبت الجواب التالي:
أنزل الله القرآن؛ ليتعبد الناس بتلاوته وتدبر معانيه، فيعرفوا أحكامه ويأخذوا أنفسهم بالعمل بها، وبهذا يكون موعظة لهم، وذكرى تقشعر منه جلودهم وتلين به قلوبهم، ويكون شفاء لما في الصدور من الجهل والضلال، وطهارة للنفوس من أدران الشكوك وما ارتكبته من المعاصي والذنوب، وجعله سبحانه هدى ورحمة لمن فتح له قلبه أو ألقى إليه السمع وهو شهيد، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57].
وقال: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [الزمر: 23] الآية، وقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد} [ق: 37] وجعل الله سبحانه القرآن معجزة لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وآية باهرة على أنه رسول من عند الله إلى الناس كافة، رحمة بهم وإقامة للحجة عليهم، قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِين أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 50- 51] وقال: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف: 1] وقال: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: 1] إلى غير ذلك من الآيات، وإذا فالقرآن كتاب هداية وتشريع ومواعظ وعبر وبيان للأحكام، وآية بالغة ومعجزة باهرة وحجة دامغة أيد الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزله سبحانه ليكتب كلمة أو آية منه على ساعات الدليل زينة لها أو ترويجا لها وإغراء بشرائها، أو ليتخذها حاملها حرزا له إلى جانب استخدامها في معرفة الجهات، فكتابة آية من القرآن أو أكثر على ساعات الدليل أو نحوها فيه انحراف بالقرآن عما أنزل من أجله واستعماله فيما فيه إزراء به وإهانة له بتعريضه إلى ما لا يليق به من الأوساخ والأقذار ودخول بيت الخلاء به ونحو ذلك، ومع هذا فهو عمل مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضي الله عنهم ولما كان عليه السلف الصالح، فعلى من آمن بالقرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وأراد الخير لنفسه أن يبتغي البركة وصلاح شئونه في دينه ودنياه من الله سبحانه بتلاوة كتابه الكريم والعمل به في عباداته ومعاملاته؛ ليفيض سبحانه عليه من بركاته، ويعظم له الأجر، ويحفظه في كل أحواله، وييسر له سائر شئونه.
وكذلك الحكم في كتابة الكلمات (الله أكبر، ولا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) التي جعلت داخل إطار ساعة الدليل فإنها جعلت في الشرع لإعظام الله وإكباره والثناء عليه بها، ومفتاحا للدخول في الإسلام، وعلامة على الإيمان، ويعصم بها دم من قالها وماله، ولم تجعل لتكون رسوما على أجهزة أو ساعات أو آلات يستدل بها على الجهات، وباستعمالها كتابة فيما ذكر خروج بها عن المقاصد التي شرعت من أجلها، ووسيلة للاستهانة بها.
فمن المعلوم أن ساعات الدليل وغيرها تؤدي الغرض الذي صنعت من أجله، من غير أن يتوقف ذلك على كتابة الآيات أو هذه الأذكار عليها أو فيها. وإنما القصد من كتابة ذلك الترغيب فيها؛ ترويجا للتجارة، ثم قد ينتهي الأمر إلى التبرك بها، واتخاذها حرزا يستصحب للحفظ من مكروه أو بلاء.
وبناء على ما ذكرنا نرى منع استيرادها ما دامت مشتملة على الكتابة المذكورة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود

.كتابة الآيات على معلقات:

الفتوى رقم (1706):
س: إنه إزاء التقدم الكبير الذي أحرزه العالم في مجال الفكر الإعلامي بالنشر والملصقات والمعلقات والإذاعات مسموعة ومرئية، فقد استعنا بالله في مصنع البلاستيك الذي نتولاه لإنتاج نماذج نساهم بها في التذكير بكلام الله عز وجل، وقد وفقنا الله عز وجل فاستطعنا إخراج نماذج لمعلقات تحمل آيات من القرآن الكريم وأسماء الله الحسنى وأحاديث نبوية شريفة.
علما بأن المعلقات البلاستيك التي أتقدم بها لسماحتكم لا يمكن استخدامها لغير التذكر والتدبر، فطبيعتها تجعلها لا تصلح أن يشرب فيها أو يؤكل، وذلك أنها مغطاة بطبقة من المعادن الفضية والأحبار التلوينية تجعل استخدامها في هذه الأغراض مستحيلا، وأنها صنعت بحيث لا يمكن حملها على الصدور أو في اليد ولا يمكن إلقاؤها بإهمال؛ ذلك إن تصميمها جعل لها شرشفة خارجية وتعليقات، وحروفها مدببة تجعل حائزها يعلقها في مكان مصون مكرم.
ولقد وجدنا النصارى متمكنين في فن النشر والتوعية والإعلام وبث ما يريدون من أفكار ومعتقدات باستخدام وسائل حديثة أهمها: الملصقات والمعلقات تعلق في لوحات بالشوارع والحافلات والأماكن العامة والخاصة، يقصد بذلك توالي وتتابع التذكير بتكراره أمام العين في كل مكان حتى يقر في الصدور ما يريدون، وإن كل ما يريدون ما هو إلا معتقدات صليبية وأفكار إلحادية ومفاسد والعياذ بالله، إلا أنهم باستخدام الوسائل القوية يستطيعون جعل الناس يؤمنون بالباطل ويوقرون الإلحاد، وأولى بالمسلمين وأحق أن يذكروا الناس بكلام الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مستخدمين الوسائل الحديثة القوية في التوعية والإعلام.
وقد وفقني الله سبحانه وتعالى أن تحمل منتجاتي كلام الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لتظهر متوالية متتابعة في الأماكن الموقرة، مرفوعة أمام الأنظار تذكر الناس بما أراد لهم الله أن يذكروا به {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45] وبذلك فإنني أساهم قدر جهدي في رفع كلمة الله ونشر الفكر الإسلامي منتصرا له فوق كل الأفكار وما توفيقي إلا بالله.
ج: أنزل الله تعالى القرآن ليكون موعظة للناس وعبرة، وليكون شفاء لما في الصدور من أمراض الشرك والانحراف عن الحق، وليهتدي به الناس في عبادتهم ومعاملاتهم، وليرحم سبحانه به المؤمنين، الذين يتلونه حق تلاوته، ويسترشدون به في جميع شئونهم، ويأخذون أنفسهم بالعمل به في كل أحوالهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82] وقال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44] كما أن الأحاديث النبوية الصحيحة جاءت بيانا للقرآن وهداية للناس وتفصيلا للأحكام؛ ليسترشد بها الناس في فهم كتاب الله تعالى، ويتدبروا آياته لعلهم يتفكرون، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] وقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] وسمى تعالى نفسه بالأسماء الحسنى؛ ليعرف عباده بنفسه فيثبتوها له، ويؤمنوا بما دلت عليه من الكمال والجلال، ويثنوا عليه الثناء الجميل ويدعوه بها في السراء والضراء خوفا ورجاء، ويحصوها عقيدة وعملا، ويحافظوا عليها لفظا ومعنى، فلا يلحدوا فيها ولا يميلوا بها عما قصد منها، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180] وقال صلى الله عليه وسلم: «إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة» (*) أي: أحصاها اعتقادا وقولا وعملا ومحافظة على حرمتها ومقتضاها.
وقد أمر الله بالبلاغ والدعوة إلى الإسلام، وبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وعملا، فكان يخطب في أصحابه رضي الله عنهم، ويتعهدهم بالمواعظ والتذكير، ويكتب الرسائل إلى الملوك والرؤساء، ويغشى الكفار في نواديهم ومجالسهم؛ ليبلغهم دين الإسلام، ولم يعرف عنه أنه كتب سورة من القرآن أو آية منه أو حديثا له أو أسماء الله تعالى على لوحات أو أطباق لتعلق على الجدران أو في الممرات من أجل الزينة أو التبرك، أو لتكون وسيلة للتذكير والبلاغ أو للعظة والاعتبار، ودرج على هديه في ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة رضي الله عنهم، وتبعهم في هذا أئمة الهدى من السلف الصالح الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون من بعده رضي الله عنهم، فلم يكونوا يكتبون شيئا من القرآن ولا الأحاديث النبوية الصحيحة ولا أسماء الله الحسنى على ألواح أو على أطباق أو أقمشة؛ ليعلقوها على الجدران للزينة أو التذكير والاعتبار بعد أن انتشر الإسلام، واتسعت رقعته وعمت الثقافة الإسلامية البلاد والأقطار، وكثر الكتاب وتيسرت وسائل كثيرة متنوعة للإعلام، كما لم يفعلوا ذلك من قبل وهم أفهم للإسلام ومقاصده وأحرص على نشره وإبلاغه، ولو كان ذلك مشروعا لدلنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأرشدنا إليه، ولعمل به أصحابه واستغله أئمة الهدى بعده رضي الله عنهم.
وعلى هذا: فكتابة شيء من القرآن أو الأحاديث النبوية أو أسماء الله الحسنى على ألواح وأطباق أو نحوها؛ لتعلق للزينة أو التذكير أو الاعتبار، أو لتتخذ وسيلة لترويج التجارة ونفاق البضاعة وإغراء الناس بذلك ليقبلوا على شرائها، وليكون نماء المال وزيادة الأرباح عدول بالقرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاصد النبيلة التي يهدف إليها الإسلام من وراء ذلك، ومخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة وأئمة السلف رضي الله عنهم، ومع هذا قد يعرض لها ما لا يليق من الإهانة على مر الأيام وطول العهد عند الانتقال من منزل لآخر، أو نقلها من مكان لآخر، وحمل الجنب أو الحائض لها، أو مسها إياها عند ذلك.
فعلى المسلم أن يعرف لكتاب الله تعالى منزلته، وليقدره قدره، وليجعل مقاصده نصب عينيه، وليتخذ منه ومن الأحاديث النبوية منارا يهتدى به، وليحذر الذين يخالفون مقاصد التشريع الإسلامي أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم. ومن آمن بالقرآن وبأسماء الله الحسنى وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فليلتمس الهدى والبركة من الله بتلاوة كتابه الكريم وتدبره والتفقه فيه، ومعرفة بيانه بالإطلاع على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والتفقه فيها، ويأخذ نفسه بالعمل بذلك في عبادته ومعاملاته ليفيض الله عليه من بركاته: حسية ومعنوية، ويجزل له الأجر، ويحفظه في شئونه وأحواله، ولا يلتمس ذلك فيما يخالف هدي القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام من تعليق ما كتب من ذلك على الجدران ونحوها، ولا يجوز التأسي بالكفرة من النصارى وغيرهم فيما يخالف شرع الله عز وجل.
ولما ذكرنا فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ترى عدم السماح بدخول مثل هذه الأطباق إلى هذه المملكة، كما ترى أنه لا ينبغي للمسلم إنتاج مثل هذه الأطباق من مصنعه؛ محافظة على حرمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى حرمة أسمائه وصفاته عز وجل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان